1. العنوان: حين يشق الفجر قميصه
2. تأليف: مي منسّى
3. مكان النشر: بيروت
4. سنة النشر: 2009
5. الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
أ- نبذة عن الكاتبة:
- مي منسّى، صحافية وروائية لبنانية من مواليد 1939. حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في الأدب الفرنسي.
- كانت من أوائل المذيعات في بدايات تلفزيون لبنان ومقدمة برنامج "نساء اليوم".
- بدأت مشوارها في العمل الصحافي في التلفزيون عام 1959، وعملت كَناقدة أدبية وموسيقية لجريدة النهار اللبنانية منذ 1969.
- نشرت عشر روايات، إضافةً إلى كتابين للأطفال وترجمات عديدة، أغلبها من الفرنسية إلى العربية.
- وصلت روايتها الخامسة "أنتعل الغبار وأمشي" إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2008، وتُرجمت روايتها الأولى "أوراق من دفاتر شجرة رمان" (1998) إلى الفرنسية في عام 2012.
- توفيت سنة 2019 عن عمر يناهز الثمانين عامًا.
ب- نبذة عن الكتاب:
هذه الرواية للكاتبة والصحافية مي منسّى، هي حكاية امرأة "تتأجج فيها حقبات العمر، من زمن الطفولة هي، من طعم المراهقة الحجرة، من وطن الغربة، من لقاءات وافتراقات، من حبّ مستحيل دومًا، كالسراب يلمع، نظنّه ماء وارتواء وفي الاقتراب منه خواء وقشب."
تتخلل أحداث الرواية وتداعياتها الفكرية قصص الحب الأزلية، فأي حب هو "هذا الحب العاصف الذي كان يستوحي من صمت الليل جنونه لم يثبّت كياني بين قوم من الشتات، أيبست شموس الصيف قلبه، وقشّبت ثلوج الشتاء مشاعره"، أهو حب مستحيل أم أنها استحالة الحب في كل زمان ومكان؟ ألا يتشابه جوهر حالته وتتكرر قصته إن جرت معها أو مع غيرها؟
ج- ملخص الكتاب:
تدور أحداث الرواية حول البطلة "مايا" التي تتخلى عنها والدتها بعد فجّ رأسها في الجدار وتحمّلها ذنب ضياع شقيقتها التوأم "ميرا" وهي تقول لها "أو أنتما الاثنتين أو لا واحدة"، فيرافق مايا هذا الحدث منذ طفولتها ليشقّ مسار حياتها المليئة بالأسى..
فبعد أن يتخلى الأهل عن ابنتهم، تتولّى الخالةُ والجدّة تربية مايا، التي تلتحقُ بالمعهد الموسيقي لتتعلّم الموسيقى فتلتقي هناك بمعلّمها الروسي "إيغور" الهارب من بلاده إلى لبنان بسبب معارضته للنظام آن ذاك، فتتعلم على يديه الموسيقى والعزف على الكمان الذي يُصبح صوتها الدائم في ما بعد والملجأ الذي يؤجج فيها مشاعر الحنين والحزن والألم والحرية.
تُسافر "مايا" بدعمٍ من معلّمها الى روسيا في هدف تعلم الموسيقى بالظاهر واستعادة أوراقٍ مدفونةٍ كانت سبب فراره من وطنه، فتتعرض للسجن وتعاني مرارة التعذيب والتعنيف، إلى أن ينمّ تهريبها لتعود الى وطنها لبنان وتبدأ حياتها من جديد، ولكن الحرب الأهلية المشتعلة تمنعها من العودة، فترتسم معالم جديدة لحياتها وتصبح جزءاً من فرقة موسيقية غجرية ترحل من بلدٍ الى بلد، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وتنتهي قصّتها معهم حين تحاول "ماغدالينا" رئيسة هذه الفرقة ان تتخلص منها بوضع السمّ في طعامها، عندئذ تكون قد حطّت الحرب اوزارها عن لبنان وتعود "مايا" محمّلةً بالكثير من الآلام والأوجاع لتكتشف أن راجمةً أصابت منزل جدّتها وأنهت حياتها وأن خالتها "جنان" التي لم تستطع انقاذ والدتها قد جُنت ووضعت في مصحّةٍ عقلية..
تحاول مايا بعد ذلك أن تستمرّ في مقاومة كلّ هذه الظروف فتعيدُ ترميم المنزل المهدّم ولا تنقطعُ عن زيارة خالتها التي اعتبرت أنه دورها الآن لتكون بجانبها وتردّ جزءاً بسيطاً من حقها عليها في كل مراحل حياتها. كانت "مايا" ئؤمن بالتحليل النفسي فلجأت إلى عيادة الطبيب النفسي "زياد مرجي" الذي تدخّل معها في رحلة من الجلسات العلاجية حيثُ تروي احداث حياتها، وتكتشف لاحقاً أنه ايضاً يحتاجُ إلى جلساتٍ من التحليل النفسي..
تستقرّ مايا أخيراً في أن تعيش مع وحدها وليس لوحدها، قبل أن تظهر أمها من جديدٍ لتقتحم عالمها الخاص.
د- الانطباع الشخصي:
لقد أخذتني هذه الرواية الى عالم مليء بالحزن والألم، الذي لا أحبّه، فكثيراً ما أتجنب التوقّف عند تلك المحطات المؤلمة من الحياة حيثُ أؤمن بأن الإنسان خليط من الحزن والفرح والحنين، والكثير من المشاعر المستمرة معه إلى أن يموت، ولا يُعقل أن يعيش في معاناةٍ دائمة إلا أذا اختار ذلك. في نفس الوقتِ لم أستطع إلا أن اتعاطف مع بطلة الرواية واحداث حياتها وقلتُ في نفسي " أنتِ لم تعيشي ما عاشته البطلة من معاناة لذلك لا يحقُ لكِ أن تفرضي عليها أن تعيش حزنها أو أن تتخطاه" وعليه فإن لكلّ انسانٍ تفرّده الخاص في التعامل مع ما يعيشه..
حين ينتفضُ الإنسان على حياته بكلّ ما فيها، حين يثور ويغامر وينكسر ويقاوم، يكون بذلك قد تحرر من كل قيوده وعرف كيف تصنع تلك التجارب الشخصية منه انساناً يحكي لغة مجتمعه ويلمسُ احزانهم وافراحهم ويكون المرآة التي تساعدهم في رؤية ذواتهم من الداخل كلٌ من نظرته الخاصة..
الرواية غنيّة بالمعلومات والشخصيات والأماكن الجديدة بالنسبة لي وهي مدخلٌ لاكتساب ثقافة وبناء معرفةٍ جديدة. كثيراً ما نجد اسئلةً وجوديةً لدى الكتاب، كسؤال الكاتبة هل خلقت البشرية لتمارس الحروب؟؟ وغيرها من الأسئلة، وأرى هنا أن الاجابات التي تشفي الصدور وتطمئن الفكر موجودةٌ في القرآن الكريم، فبمجرد أن قرأتُ أسئلتها تبادرت الى ذهني الآية الكريمة في سورة البقرة: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (30)
أحياناً تموت الحقيقة مع الإنسان وقد يُظلمُ في الدنيا كثيرون بسبب هذه الحقيقة الميّتة، المؤمنون فقط قادرون على الصبر والمقاومة لأنهم يعرفون أن حقهم لن يضيع في الحياة الآخرة.
أنصحُ بقراءة هذه الرواية لأنها حتماً ستفتح أفقاً جديدة من التفكير وتترك بصمةً خاصة لدى كلّ قارئ!
ه- اقتباسات من الكتاب:
- مٙن يُقاوم الديكتاتورية بموسيقاه بمقالاته بكتبه بفكره،فكمٙن يقترف جُنحة لا صفح عنها.
- ويقيني أن الموسيقى هي رديف الفكر الإنساني. فمهما فعلت فيكم من حنين وأحاسيس قوية،اعلموا أنها ليست سحرًا أو تنويمًا مغناطيسيًا يضلْ الانسان في متاهاته، بل هي فكر وتأمُل.
- أنا لا أحسد الطير على حريته بل أردتك أن تقارني بين الله الذي أحب الطير فخلق له شجرة وبين الانسان الذي أحبّ الطير فخلق له قفصًا.
قراءة سكينة الميناوي