دانا قانصو غوري
(الجيل الرّابع – ورشة الكتابة الإبداعية)
عنوان الكتاب: قلوب من ورق
نوع الكتاب: مجموعة قصصيّة
تأليف: علي نجم، زهراء سويدان، فاطمة الزّهراء عمّار، سهى شحادي، ألكسندرا الخطيب، منى داوود، أليسار حمدان، رجاء وهبي، آلاء السّبلاني، وفاطمة حيدر
النّاشر: دار- المجمّع الإبداعي، 2022
نبذة عن المؤلّفين: الكتّاب هم خرّيجو ورشة الكتابة الإبداعية (الجيل الرّابع) الّتي يقيمها دار في مركزه.
لمحة عن الكتاب وفكرته: الكتاب عبارة عن مجموعة قصصيّة، لكلّ كاتب عدد من القصص المتنوّعة في الفكرة والأسلوب والتقنيّات.
القصص أشبه برحلات في الذّاكرة، تعود بالقارئ إلى زمن قد يكون جميلًا -أو غير جميل بالمطلق. فنحن لا يمكننا أن نقول أنّ الحرب الأهلية في لبنان كانت زمنًا جميلًا على سبيل المثال، ولكنّ الكُتّاب أبدعوا في نقل ذكرياتهم البريئة في عدّة محطّات زمنيّة. تبدو قصصهم كأنّها تجربة لتجميل هذا الزمن ولكن بتفاصيل حقيقيّة، يحاولون من خلالها أن يحثّونا على البحث عن الجانب اللّطيف في كل صورة نراها.
تجعلك تجاربهم الشّخصيّة تشعر أنّ الكاتب يكتب عنكَ، فمَن منّا لم يعاني في فترة الحجر عند انتشار وباء كورونا؟ ومن منّا لم يغضب بسبب زحمة السّير أو عدم إيجاد موقف لسيّارته؟ من منّا لم يخف من منزلٍ مهجور في قريته أو لم يلتقِ برجل متعلّق حدّ العشق بكرة القدم؟ من منّا لم يحدّثه أهله عن الحرب الأهليّة؟ ومن لا يخاف زيارة طبيب الأسنان؟
في الكتاب استعمالٌ لعددٍ من تقنيات الكتابة، لكنّ تقنيّة السّفر عبر الزّمن كان لها حيّز خاص؛ إذ عاد كلّ من: علي نجم، منى داوود، آلاء السبلاني في قصصهم القصيرة إلى ماضٍ لم يكونوا فيه، ليحوّلوا فتات ذكريّات أهاليهم إلى صورة حيّة تنبض بالأحاسيس والحياة.
في "مقدمة لا بدّ منها"، لمدرّب الورشة الأستاذ عبد الرحمن جاسم، يتعرّف القارئ على المؤلّفين وجوانب من شخصيّاتهم، بالإضافة إلى نمط كتابة كلّ منهم. ولعلّ أكثر ما يلفت انتباه القارئ أنّ هذه القصص هي كتاباتهم الأولى التي تنبئ بأنّ الآتي في ما بعد لا شك سيكون جميلًا. بعض هؤلاء الكتّاب يعملون الآن على كتابٍ جديد يضعون فيه تجربة أصبحت أكثر نضجًا والسبب في ذلك يعود إلى: جهدهم المستمر، إيمانهم بأنفسهم، ووجود مركز تدريب غير تقليدي إلى جانبهم، ومدرّب مثقّف يؤمن بهم ويعتبرهم أولاده -كما أسمعه يردّد بفخر- ولا يمكن للأب إلّا أن يقدّم أفضل ما لديه لأبنائه.
ملخّص الكتاب:
يقسم الكتاب إلى عشرة فصول، كل فصل يحوي قصّتين أو ثلاثة قصصٍ قصيرة لكاتبٍ واحد.
-الفصل الأول: علي نجم
تظهر من قصّته الأولى "زاروب شباط الـ 84" قدرته على صناعة نوستالجيا الذّكريات من خلال بطله الّذي أخبرنا أنّ النّظارة كانت سلاحه الوحيد. يتراءى للقارئ أنّ النّظارة سلاح لأنّها تساعدنا على اكتساب العلم والمعرفة، لكنّها بالنّسبة إلى بطل علي نجم لها استخدام آخر غير تقليدي. استخدم الكاتب أيضًا تقنيّة السّفر عبر الزّمن في قصّته الثانية "بيتل". أمّا في قصّته الثالثة "آخر ورقة" فلقد نقل إلينا مشاعر كثير من الكادحين أمثالنا الذين يرون في ورقة اليانصيب خلاصهم. وقد خرج الكاتب عن المتوقّع في نهاية غير عاديّة عبر استخدام تقنيّة الحبكة الملتوية Plot twist)).
-الفصل الثاني: منى داوود
استخدمت منى داوود تقنيّة السفر عبر الزّمن في قصّتها "ارمي السّيجارة وغنّي" لترسم لنا عن كثب ذكريات بيروت في الحرب الأهليّة اللّبنانيّة. كما تطرّأت عبر بطلتها إلى حلم الإنسان الذي قد يحتاج يومًا ما إلى من يذكّره به. وفي قصّتها الثانية "لغة الحب"، قدّمَت الحب بطريقة غير معتادة في وصفها لعلاقة أحد الأبطال بحيوانه الأليف. أمّا في قصّتها الثّالثة "أقفاص إلكترونيّة" فقد نقلت لنا اختلاجات مشاعر عاشتها البشرية في تجربة الحجر المنزلي والوقاية خلال جائحة وباء كورونا.
-الفصل الثّالث: زهراء سويدان
لعلّ أبرز ما في هذه القصص عناوينها التي تبدو غريبة في البداية، لكنّها تصبح واضحة جدًا بعد قراءة القصص. استخدمت الكاتبة تقنيّة الحبكة الملتوية (Plot twist) في قصّتها الثّانية "شعيط ومعيط" ليعيش القارئ معها ذعرها الذي نجحت في توصيفه حيال المنزل المهجور في قريتها، ويحاول جاهدًا أثناء القراءة توقّع نهاية غير متوقّعة لهذه التجّربة المخيفة. أمّا قصّتها الثالثة "سنتوب بعد قليل"، فقد لا يتوقع القارئ أبدًا الذّنب الذّي تحاول البطلة أن تتوب عنه قبل أن يقرأ المعادلة اللّطيفة التّي تقدّمها في بداية القصّة.
-الفصل الرّابع: أليسار حمدان
في قصّتها الأولى "الهمس العالي" تنقل أليسار هواجس تجتاح البطلة الأربعينيّة العائدة إلى صفوف الجامعة بعد غياب سنين، ولعلّ هذه القصّة خير مشجّع للعديد من الأشخاص الذين حال الزّمان بينهم وبين مقاعد الدّراسة وحين سنحت لهم الفرصة تراجعوا بسبب هواجسهم؛ أمّا البطلة فقد اختارت المواجهة- وهنا يكمن الفرق.
-الفصل الخامس: ألكساندرا الخطيب
تستمع ألكساندرا في جمع الأضداد، فقد تناولت في قصّتها "فزّاعة الكبار" مشاعر الخوف من طبيب الأسنان في قالب فكاهي ظريف ووظّفت الخيال العلمي في قصّتها "من تكون أمّي" في الحديث عن أقدس المشاعر الإنسانيّة وهي الأمومة والبنوّة.
-الفصل السّادس: رجاء وهبي
الحديث عن موسم زراعة التّبغ في قصّتها "مشوار خاص" لم يكن عرضيّا فقد استعرضت الكاتبة تفاصيل دقيقة لمراحل زراعة التّبغ، وهو ما يوحي للقارئ بحجم الجهد الّذي تكبّدته الكاتبة في استحصال معلومات ليست بعامّة أو سهلة. كما استعرضت في القصّة نفسها جانبًا هامّا من الجوانب الإنسانيّة وهي الطباع الشّخصيّة التي لم ينجح بطلها في تغييرها. أمّا في قصّتَيها "بعد سهرة السّبت" و "تصرّف غير مدروس" فإنّ سلاسة القصّة وقربها من الواقع ستجعل العديد من القرّاء بلا شك يتهامسون، "إنّها تتحدّث عنّي".
-الفصل السّابع: سهى شحادي
تعيدنا سهى شحادي في قصّتها "ذكريات الحي القادم" إلى صوَرٍ لم يكن معظمنا قد رآها سابقًا، فقد نقلتنا من حي السّلم، الحي العشوائي المكتظّ، إلى حي السلم بساتين الزّيتون وجو الألفة الذي كان يسود هناك في الماضي. أمّا في قصّتيها " بطاقة حمراء للمتزوّجين" و "عامي الثّلاثون" فقد نجحت في نقل هواجس ومشاكل انسانيّة بأسلوب سلسٍ.
-الفصل الثامن: فاطمة حيدر
تذكّرنا فاطمة حيدر في قصّتها "مغامرة دولاريّة" معاناة شريحة كبيرة من الناس في لبنان في الأزمة الإقتصادية في سحب أموالهم المودعة في المصارف اللّبنانيّة عبر وصفها الدّقيق للتغييرات التي آلت إليها المصارف. تتميّز قصص فاطمة بأنّها واقعية جدًا وبعيدة كلّ البعد عن الخيال.
-الفصل التّاسع: آلاء السّبلاني
تستعرض آلاء السّبلاني قدراتها في استخدام تقنيّة السفر عبر الزّمن في قصّتها "بعدك على بالي" بأسلوب شيّق ونهاية لطيفة، وتصف الأماكن بطريقة تُشعر القارئ وكأنّه يرى القصة مصوّرة. أمّا في قصّتها الثانية "حكم القوي" فقد أظهرت مهارتها في توصيف مشاعرها الدّاخليّة من خوف وملل وتأفّف بلغة واضحة وسلسة.
-الفصل العاشر: فاطمة الزّهراء عمّار
في قصّتها "أسود كحلي" نجحت فاطمة في التّحدث بلسان طفلة صغيرة خائفة من ناظرة المدرسة ونقلت إلينا جميع هواجسها وخوفها، وهذه الهواجس قد تكون مشتركة عند العديد من القرّاء. أمّا في قصّتها "إمّا أنا وإمّا أنا" فقد عكست لنا صورة الفتاة اليافعة المغامرة والقويّة، وأنهت قصّتها باستخدام تقنيّة الحبكة الملتوية (Plot twist) أي أنّ النّهاية لم تكن متوقّعة.
اقتباسات:
•"لم يكن ذلك السّبب الوحيد خلف بكائي، هل أنا أيضًا سأكون في حاجة إلى من يلعب معي الدّور نفسه ويذكّرني بأحلامي إذا تخلّيت عنها يومًا ما؟"
من قصّة "ارمي السيجارة وغنّي" للكاتبة منى داوود
•"اللّحظة الوحيدة التي كنت قادرًا فيها على الرّؤية بكل وضوح كانت عند خلعي النّظارة."
من قصّة "زاروب شباط 84" للكاتب علي نجم
3 أيلول 2022