الريجيم الثقافي

"دفتر الحرب المفتوح"




زهرة حمادي  

(الجيل السادس – ورشة الكتابة الإبداعيّة)

 

عنوان الكتاب: دفتر الحرب

نوع الكتاب: مجموعة قصصية

تأليف: ممدوح حمادة

النّاشر: دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع 2016

نبذة عن المؤلّف: كاتب سوري مقيم في بيلاروسيا منذ العام 1984، حيث درس الصحافة وعمل مدرّسًا في إحدى جامعاتها ما يقارب العشر سنوات، ليدرس بعدها الإخراج السينمائي في أكاديمية الفنون. كاتب سيناريو لمسلسلات تلفزيونية منذ العام 1995. له الكثير من الأعمال الساخرة (منها: بطل من هذا الزمان، بقعة ضوء، ضيعة ضايعة، الخربة، ضبّوا الشناتي) وعدَّة أعمال موجَّهة إلى الأطفال. 

 

يتألف "دفتر الحرب" من إحدى عشر قصة قصيرة تدور أحداثها في الحرب السورية وتعكس تأثير الحروب في نفوس الأطفال والعسكر والناس العاديين، كما تحمل بعض الرسائل السياسية والتاريخية. يسرد الكاتب القصص بأسلوبٍ شيّق متحكمًا في تسلسل التفاصيل الدقيقة الممزوجة بذكريات تنبض بالأحاسيس والحياة. 

في القصة الأولى "الجبنة الهولندية"، يسرد الكاتب المشهد كما هو في الواقع بحنكة بارعة، معتمدًا الوصف الدقيق الممزوج بصراع الانتظار المرير للبطل. كانت صورة تحضير مأدبة طعام الفطور حاضرة بعفويتها، واستطاع أن يجعل القارئ يترقّب هذه الجبنة الأسطورية وصولًا إلى الحدث المفاجئ (الحرب) حيث خرج الكاتب عن المتوقّع عبر استخدام تقنيّة الحبكة الملتوية (Plot twist) بأسلوب (Anagnorisis) الذي نقل مشاعر البطل من الانتظار وشغف الوصول، إلى الإحباط والحسرة. أمّا في القصة الثانية "أنت منذ الآن لي يا وطني" التي صدح صوت المذياع بعنوانها، فقد شخّص الكاتب مشاهد حقيقية تعود إلى العام ١٩٦٧ معتمدًا تقنية السفر عبر الزمن، ليعود بذاكرته حيث كان طفلًا، مع استحضار الحالة النفسية التي عاشها الناس في تلك الحقبة بعد كل غارة: القلق، الذعر، ومشاعر الشجن التي خلّفتها الخسائر..  وفي قصة "شظايا" مزج حمادة بين الحدث السيء (الحرب) وبين اللحظات التي استغلها الأطفال بفرح، والأجواء التي صنعوها بعفويتهم بعد تلاشي أصوات الطائرات، فجمعوا الشظايا في رهانات "الطرَّة والنقش"، لكن اللعبة تحولت في نهاية المشهد إلى مأساة حقيقية. 

ومن ضمن الخيمة الوحيدة التي تبقى شعلة قنديلها متوقّدة حتى الصباح، سرد الكاتب لنا حوارًا بإستفاضة، بين أبطال قصته أيمن وإبراهيم، الذي كان أشبه بنقاش ينبعث منه تحدٍّ حول الإقرار بالمدينة الأفضل (حلب أم حمص؟). من زخم التفاصيل قد تتخيّل أحداث القصة وكأنّها تحدث أمامك، أو أنّك تشاهدها مباشرة على خشبة المسرح. وفي القصص الست الأخيرة: "بروفا"، "رصاصة واحدة فقط لا غير"، "المرصد"، "نخب السيَّدة ميلز"، "حفرة الرامي واقفاً" و "ما زلت على قيد الحياة"؛ حدّثنا الكاتب، مفصلًا بعمق وبأسلوب واضح عن أدق التفاصيل التي عاشها أبطاله في الحرب حتى يشعر القارئ أنّه مشارك في الأحداث، واستخدم  في "بروفا" أسلوبًا آخر من تقنية plot twist وهو Red herring، حيث كانت المعلومة مضللة عن المشتبه به في الحرب القائمة.

وفي النهاية، جاءت السطور الأخيرة التي تركها الكاتب على الغلاف الخارجي للكتاب لتُلخّص غايته: "لن تكفي قصص العالم كلها للتعبير عن الأهوال والمعاناة التي يعيشها الإنسان في الحروب، وهذه القصص هي نموذج بسيط منها على شكل عيّنات من مراحل مختلفة، ومع الأسف يبدو أن هذا الدفتر سيبقى مفتوحًا إلى أجلٍ غير مسمى، وستنضم إلى صفحاته قصص أكثر مأساوية، لأن التجربة أثبتت أن المأساة على أرضنا تأخذ أشكالًا متصاعدة وتولد وجعًا يكبر أكثر في كل يوم."

اقتباسات:

-"الموت يكره الإنتظار" (الرصاصة التي كادت تلطِّخ الشرفة بالدم)

-"كان منظر يصلح لمشهد في فيلم كوميدي، أكثر منه لحرب" (المرصد)

-"لقد تبيّن لنا أن صداقة شخص نجوت برفقته من الموت تشبه إلى حدّ ما صداقة الطفولة"

(نخب السيِّدة ميلز)

 

 

11 تشرين الأول 2022