الريجيم الثقافي

نحن لا نبيع الحب




نسرين الخنسا 

(الجيل السادس- ورشة الكتابة الإبداعية)

"نحن لا نبيع الحبّ في هذا الحانوت، ولا في أيّ مكان آخر، نحن نعطيه لمن يستحقه فحسب". هكذا قدّم مدرّب ورشة الكتابة الإبداعية الأستاذ عبدالرحمن جاسم كتاب "نحن لا نبيع الحب في هذا الحانوت"، الصادر عن دار-المجمّع الإبداعي في العام 2018، لمجموعة من خرّيجي الورشة: حسين محسن- صباح عبد الله- زهراء حيدر- دانا قانصو - غدير تقي- مها بلاغي - فاطمة حرقوص - فاطمة ناصر- زينب زين الدين - كارميلا ابراهيم.

عشرة كتّاب هواة لديهم الكثير ليقولوه، جمعوا حكاياهم في مجموعة قصصية استخدموا فيها تقنيات الكتابة التي تدربوا عليها خلال حضورهم ورشة الكتابة الإبداعية ليبرهنوا ما يؤمن به الدار: أنّ الثقافة ليست حكرًا على أحد، والكتابة كذلك أيضًا. حمل الكتاب في حكاياتهم قصصنا اليومية ومشاعرنا المختلفة؛ من الحب والشوق والحنين والتعب والجهد والخوف والشر.

خلال قراءة هذه القصص القصيرة، تستوقفك فلسطين فهي دومًا الوجهة، كما قصص العدوان الإسرائيلي والقصف والخوف والهرب، كلها تعكس جزءًا من الذاكرة اللبنانية الفلسطينية. وأيضًا، تفرح عندما تقرأ قصص حبّ بتقنيات مختلفة وبمستويات متعددة، كقصة "هل سيأتي" أو "جنية الوادي" أو "نهاية سوار" التي استخدمت فيها تقنية " نقطة التلاشي / Flashpoint paradox" .

يمكن ملاحظة أن معظم القصص في هذه المجموعة اعتمدت تقنيتا "المفتاح الحجري" "Skeleton Key" و "التوصيف اللحظي بحيث جاءت مليئة بأسماء الشوارع والأماكن والكثير من التفاصيل.. فحتى الأشياء لديها اسم "كأن يكون للحافلة اسم" ليلى."  كما أضاف وصف الأشخاص بصفاتهم الخارجية ومميزاتهم الخاصة صفة الواقعية لهذه المجموعة، فالشخصيات تعيش بيننا، وتحدّث أخبارنا بلكنتنا اليومية، وتروي طرائفنا وتحلّ مشاكل يومية كمشاكلنا وتحلم مثلنا نحن القرّاء؛ وربما لهذا السبب هي محببة للقراء. أكثر قصة استخدمت فيها تقنية التوصيف اللحظي لربما كانت وصف مقام الإمام علي الرضا عليه السلام في قصة "بدك شي يا إمام؟" والتي تمّ فيها دمج المشاعر العاطفية مع الوصف الدقيق للمكان ضمن إطار قصصي سَلِس.

وتقنية "الاستكمال" من التقنيات الإبداعية التي اتبعت أيضًا في هذه المجموعة وهي أن تكمل أحداث قصة أخرى فتبدو الجديدة مكملة لها، وهذا ما كتب في قصة "ورقة إفادة" التي أكملت قصة "في فان رقم 4" من المجموعة القصصية الأولى "بندقية تشيكوف"(2017) والتي كانت لها أيضًا جماليتها الخاصة لأنها الطفل البكر للدار.

يمكن التحدث عن قصص دانا قانصو على سبيل المثال لا الحصر، التي برعت في استعمال تقنيات "plot twist" و "parallel universe" بالاضافة إلى تقنيات "skeleton key" و "I see, I write." وأبدعت في تجسيد قصص الشر بالرغم من قسوتها وصعوبتها.  ففي قصتها "الغرفة 202"، مشاعر خوف وقلق على أمٍّ توفيت في الغرفة  202 في المستشفى، أما في قصتها الثانية "قرنفل" يتعاطف القارئ مع بطل القصة حين يتكلم عن حبيبته وعرسها وباقة القرنفل الهزيلة التي أحضرها لها، فتطرح عدة أسئلة قبل أن يصل إلى نهاية القصة. أما قصتها الأخيرة "المزهرية المخملية" فهي تجسيد لتقنية "العالم الموازي" حيث يتداخل الواقع والخيال، الحقيقة والوهم، ليتفاجأ القارئ بنهاية غير متوقعة. 

في النهاية، "نحن لا نبيع الحبّ في هذا الحانوت" لأنّ الحبّ لا يباع، الحبّ أن تعطي وأن تحلم، وأن تروي حكايات من القلب للقلب.