«الوردية» تحتضن إطلاق كتب «دار المجمع الإبداعي»


يوقّع الجيل الثالث في «ورشة الكتابة الإبداعية» التي يقيمها «دار-المجمّع الإبداعي» مجموعتيه القصصيتَين: «أنا أسكن ضاحية بيروت الجنوبية» و«دافنشي لا يجيد الكتابة»؛ في «دار الورديّة» في منطقة الحمرا في بيروت غداً الثلاثاء (ما بين الساعة 4:30 و6:30 مساء). تأتي المجموعتان القصصيتان اللتان تناوب على كتابة كلّ واحدةٍ منهما عشرة كتابٍ وكاتبات، ينتمون إلى الجيل الذي يسمّيه المدرّب الزميل عبد الرحمن جاسم (مدرّب الكتابة الإبداعية) بجيل نحنُ الكتابة قائلاً: «هم حملوا هذا اللقب بعدما ثابروا على الكتابة خلال أصعب وأحلك الظروف التي مرّت بها البلاد خلال العام الفائت. كانت الكتابةُ جزءاً لا يتجزأ منهم. لقد كانوا يكتبون كل الوقت: كورونا، انفجارات، أزمات اقتصادية. كل هذا وكانوا يستمرون في الكتابة والإبداع، لذلك استحقوا هذا اللقب. لم تكن الكتابة خارجهم، بل كانت داخلهم بكلّ ما تعنيه كلمة داخلهم من معنى». هكذا يشرح لنا مدرّب الورشة التي استمرت على مدى أكثر من ثمانية أشهر متواصلة خلال العامين الفائت والحالي (2019-2020). «هي ورشة في المعتاد تمتد على قرابة سبعة أشهر، لكن أحياناً تزيد أكثر قليلاً بسبب العطَل المفاجئة، أو الأحداث التي تمرّ بها البلاد».

تأتي «أنا أسكن ضاحية بيروت الجنوبية» (وتحمل عنواناً جانبياً هو «مربعٌ من ملح دائرةٌ من ماء») بمثابة مجموعةٍ قصصية مباشرة، تناوب على كتابة قصصها: بشرى زهوة، محمد الصغير، جيهان حمّود، نور يونس، حسين شكر، دانيا النجّار، هلا ضاهر، فهد عصمان، ربى اليوسف، سارة نجدي. «هي مجموعةٌ يمكن القول بأنها ناضجة للغاية، خصوصاً أنّنا كنا نريد أن نقول عبرها، أننا ننتمي لمكانٍ معين، في الأدب، الجغرافيا تشكل صراعاً وموضوعاً رئيسياً. لذلك كان من المفيد الإشارة إلى أن انتماءنا لمنطقةٍ معينة، منمطة بشكلٍ خاص، لا يعني أننا «لا نحب الحياة» أو «لا نجيد الكتابة». سكان هذه المنطقة شأنهم شأن أي سكان منطقةٍ أخرى: يختارون حياتهم كما يريدون، يختارون المقاومة، كما يختارون الإبداع. لا حدود لذلك» يشير جاسم. ماذا عن الأغلفة؟ تشير تهاني نصّار وهي مديرة «دار-المجمّع الإبداعي» والمسؤولة والمشرفة بشكل مباشر عن إصدار هذه الكتب، «إن معظم الأغلفة تم انتقاؤها هذا العام من لوحات غرافيتي من شوارع مدنٍ معروفة، كنا نريد أن تكون أغلفة هذا العام، تشبه الناس، تشبه أماكن وجودهم، شوارعهم. بعد اختيار الصور، جرت معالجتها تقنياً عبر متطوّعينا، وأخص بالذكر والشكر، هنا، نور يونس (وهي مهندسة، ومن كتّاب مجموعة «أنا أسكن ضاحية بيروت الجنوبية») التي عملت على هذا الغلاف، وعلى أغلفة ثانية أيضاً». تأتي قصص مجموعة «أنا أسكن ضاحية بيروت الجنوبية» متنوعةً للغاية، فهي «مزيج من كلّ شيء، من حكايا الناس، من القصص اليومية، العادية، بعضها قد يراه القارئ بسيطاً، لكنه يحمل في طياته الكثير. كل ما يمكنني قوله عن هذه القصص أنّها تشبه الناس والشوارع والأماكن التي كُتبت بها وعنها» يشير جاسم.

أما «دافنشي لا يجيد الكتابة»، فهو عنوانٌ صادم هو الآخر، المجموعة التي تحمل عنواناً جانبياً هي الأخرى (القمر يأتي مرتين لمن ينتظر)؛ تناوب على كتابتها: مريم علي، آلاء شمس الدين، سكينة الميناوي، زهراء السيّد، وسام رحّال، سارة حمزة، فاطمة شاهين، زينب طالب، زينب محسن، آية ضامن. تشير نصّار إلى مفاجأةٍ ضمن هذه المجموعة من الكتاب بدايةً: «مفاجأة هذه المجموعة بالتأكيد هي أنه بين كتابها هناك طفلة لا تتجاوز التاسعة من العمر. آية ضامن هي أصغر مشاركي هذا الجيل، وقد أتت إلى الورشة وهي لا تزال في السابعة من العمر، ليتم تدريبها وتصبح قادرةً على كتابة قصصٍ تصلح للنشر ضمن هذه المجموعة، وجيلها». هنا يكون السؤال: هل هناك عمرٌ معينٌ لاستقبال طلاب للورشة: «للحقيقة ليس هناك عمرٌ معين، إذ إن الجيل الثاني مثلاً كان فيه مشاركون من سن 18 إلى 60 عاماً، وذات الأمر انسحب على الجيل الرابع. لذلك كان قرارنا في العام المقبل أن نفتح صفاً للطلاب اليافعين (من سن التاسعة وحتى 16 عاماً) ليشاركوا في الورشة ويكونوا تحت إشرافي وتدريبي المباشرين، خصوصاً بعد النجاح في تجربة آية» تشير نصّار. تتنوّع قصص هذه المجموعة أيضاً التي تزدان بغلافٍ مميز هي الأخرى في لوحةٍ تذكّر بدون كيخوته (رائعة الكاتب الإسباني ثيربانتيس)؛ لكن لماذا كان العنوان «دافنشي لا يجيد الكتابة»، يسرّ جاسم لـ «الأخبار»: «العنوان هذا تحديداً لن نشرحه، سيكون على القرّاء اكتشاف السبب حال قراءتهم للمجموعة؛ لكن ما يمكنني قوله حول المجموعة هذه هو أنّها مليئة بالكثير من الإبداع، والقصص التي لم تسبق كتابتها في العالم العربي».

وبالعودة إلى الكتابة الإبداعية يشرح جاسم أنَّ منهاج الكتابة الإبداعية creative writing الذي يدرّبه هو في الأساس منهاج بريطاني «قننه» (أي عدّله محلياً) خلال عامٍ كامل، ليصبح مشابهاً لمنطقتنا وثقافتنا، ثم ليبدأ بالتدريب به منذ أكثر من أربعة أعوام؛ «لدينا حتى اليوم أربعة أجيال للكتابة الإبداعية، ونحن سنستقبل جيلاً جديداً خلال الأيام المقبلة: الجيل الخامس». ماذا عن كورونا؟ «نعم بالتأكيد أثّرت علينا كثيراً، لكننا استمررنا في عملنا، وبحصص«أونلاين» شأننا كغيرنا من المؤسسات التعليمية؛ لكننا عدنا بحصص مباشرة مع المحافظة على التباعد الاجتماعي والتنبّه للضوابط الصحّية/الطبية؛ إذ ليس هناك بديل عن الحصص المباشرة»، تجيب نصّار. في الختام هل هناك إصدارات أخرى لـ «دار المجمع الإبداعي» هذا العام؟ «نعم بالتأكيد، هذا العام لدينا سبعة كتب، روايتان وخمس مجموعات قصصية، نوقّع اثنتين الثلاثاء، على أن يُصار إلى توقيع الخمس الباقية تباعاً خلال الأشهر المقبلة. نحنُ كنا بانتظار معرض بيروت الدولي للكتاب، لكن عدم حدوثه جعلنا نضطر إلى إيجاد بدائل محلّية». في الختام يشير جاسم إلى أنّه «نتمنى تشجيع مثل هذه التجارب الأولى لهؤلاء الكتّاب المبدعين، الذي عملوا بجهدٍ كبير على إنتاج هذه القصص التي ستكون بين أيدي القرّاء. قصصٌ فيها الكثير منهم، الكثير من الإبداع والتقنيات الكتابية التي نسي كثيرٌ من كتابٍ معروفين أنّها موجودة؛ في المحصّلة؛ هي مجموعاتٍ قصصية، كتبها تلامذة ورشة الكتابة الإبداعية محاولين قول إن الإبداع لن ينتهي أبداً في هذه البلاد».

__

إطلاق «أنا أسكن ضاحية بيروت الجنوبية» و«دافنشي لا يجيد الكتابة»: غداً الثلاثاء (ما بين الساعة 4:30 و6:30 مساء) ـــ «دار الورديّة» (الحمرا ـ بيروت)

 

 

الكاتب: فارس فارس

نُشر في صحيفة الأخبار اللبنانية بتاريخ 9 تشرين الثاني 2020

https://al-akhbar.com/Literature_Arts/296210